من وحي الورشة

Front Cover

والأيام الأولى التي فُطِمتُ فيها من شارِع اللَّهو، وقُذِفتُ فيها إلى ورشة الدَّأب، أوْعَزَ إليَّ شيخي الأوَّل أن أفتحَ مِصفاة هواء لسيارة، فخرج بعدها وخلَّفني معها فردا، ولا زلتُ أُحَكِّكُ عليها قدمي بالأرض مما امتَنَعَت به عن يدي في السماء، إذ أنها لا يُخلَصُ إليها إلا بعد فتحِ ما لم أكن أعلم، فلا أُنحِّي عنها طَرفا حتى يسقُط لي عليها آخر، فلم تكن تظهَرُ لي من الذي أمَّلتُ أن أفتحها فيه ناهيكَ عن أن أُخرِجها منه، حتى ملَّت فقرةُ ظهري فخاطبتني بومضة ألمٍ فقذفتُ ما كُنتُ أحمِل، وجررتُ كُرسيا إلى ناصية المحَّلِّ فحَشَرتُ أقدامي بين قواعده بعد أن جلستُ عليه أرقُبُ منه السابِلَ والعابِر، حتى وفق شيخي بعجلاته كبد الورشة سائلا:

 " هل فتحتها"

ولأن عقلي قد سبقني وعلمت أهل الأرض التي صنعت السيارة فقُلتُ برفعِ الذِّراع مُحتجّا

" هؤلاء الألمان الأغبياء لم يجدوا أين يقحمون تلك المصفاة إلا ذلك المكان المُمتَنِع"

أجاب

" الألمان هم الأغبياء! بل أنت الغبي"

 


 

Contents

Section 1
3
Section 2
29
Section 3
65
Section 4
69
Section 5
97
Section 6
110
Section 7
118
Section 8
154
Section 9
167
Section 10
172
Section 11
189
Section 12
232
Section 13
254
Section 14
262
Section 15
276

Common terms and phrases

About the author

أديب مصري

Bibliographic information